" -يوهان فولفجانج جوته" (1749-1832) أديب ألمانيا وشاعرها الكبير تربع على احدى القمم الكبرى في الأدب الغربي بجوار هوميروس في الاليادة ودانتي في الكولوميديا وشكسبير في هالمت ,بل تفوق على شركائه في التمايز ,حيث ان جوته ليس مجرد شاعر ورائي ومفكر وعالم طبعي وفنان, ولكنه ظاهرة انسانية كبرى استحقت عن جدارة أن يطلق اسمها على عصر أدبي كامل هو عصر"جوته" ونظرا لهده الرمزية ذات العلاقة بهوية ألمانيا ولغتها وآدابها وفنونها وتاريخها ,تم اطلاق اسمه على اشهر معهد لنشر الثقافة الألمانية في العالم وهو "معهد جوته " فما قصة هذا الأديب العبقري مع الاسلام والقرآن , وماحكاية حبه الكبير لنبي السلام الذي نظم فيةه رئعة من روائع شعره وألف فيه تراجيديا أطلقعليه "تراجيديا محمد" ولمادا ورغم هذه المواقف الرائعة من السلام لم تتردد ألمايا في أن تجعله رمزا لهوتها , وما هي خلفيات المواقف الاجابية للاستشراق الألماني تجاه الاسلام , ولماذا لم يستثمر المسلمون علاقات الصداقة التاريخية التي جمعتهم بالألمان منذ عهد الا مبراطور أتو الأول والخليفة عبد الرحمان الثالث الى يومنا هذا ؟
يبدأ الاعجاب بالفيلسوف والأديب "جوته" من خلال المصطلح الذي اختاره للتغيير عن التراث الفكري والأدبي في العالم والذي أطلق عليه الأدب العالمي ,وهي عبارة تنطوي على معاني التنوع والتعددية والاحترام ,ويصل الاعجاب لمداه الأقصى مع تلك القصيدة الرائعة التي نظمها في مدح الرسول (ص) وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره , واتي يصف فيها الرسول بكونه هاديا للبشر وبأنه "النهر العظيم الذي يتدفق هادئا تجري معه الجداول والسواقي في طريقه البحر" , ليردف انظروا الى الى السيل العارم القوي قد انحدر من الجبل الشامخ العلي ,أبلج متألقا كأنه الكوكب الدري.." لقد امتد هذا الاعجاب والحب للرسول بامتدا عمر جوته, فحينما بلغ السبعين من عمره أعلن أنه يعتزم الاحتفال في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي نزل فيها القرآن, لقد عبر "جوته" عن كل في كتابه "الديو ان الشرقي للمؤ ف الغربي", ويعترف جوته من خلال مؤ لفاته , القرآن وسيرة الرسول كانلهما دور في اثراء عمقه الانساني وتجديد شاعريته وابداعه وامتداد آفاق تسامحه وتثبيت نزعته الانسانية , أكثرمن ذالك , لايخشى مفكرنا الكبير رفع التحدي في ذات الكتاب بقوله "لاأكره أن يعرف عني أني مسلم" وكان يصف القرآن الكريم, أيتها الطمأنينة الخالدة".
ولقد طلع على ترجمات القرآن الكريم ومنثم استشهد في حواراته عن الاسلام, ومقالاته المنشورة في مجلة أخبار العلماء التي كانت تصدرفي فرانكفوت ببعض نصوص القرآن , معارضا في ذالك وجهة نظر اللاهوتيين الذين لم يكن الاستعداد للاعتراف سوى بدين واحد.
ولقد أتاحتله فرصة لقائه بيوهان هردر, المستشرق الألماني الكبير,اكتشاف مساحات تقاطع كبير بين أفكاره ومعتقداته ,وما جاء به الاسلام ولا سيما التوحيد, ظهر كل ذالك في مسرحيته"فون بريلشنجن" وفي رسالته الى معلمه هردر التي جاءفيها"اني أود أن ادعو الله كما دعاه موسى في القرآن"اللهم اشرح لي صدري ويسرلي أمري ..".ولقد وصف جوته القرآن بأنه "كتاب الكتب"وأن "أسلوبه سام ومحكم ومثير للدهشة" كما نظم قصيدة تحت عنوان "تحدي الأنبياء" يذكر فيها معاناة الرسول (ص) مع مشريكي قريش ثم يذكرالآية الكريمة (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والاخرة فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يدهبن كيده ما يغيظ) سورة الحج15. كما تضمنت مسرحيته الشعرية "تراجيديا محمد" مقاطع كثيرة تضم بعثة الرسول ومعاناته.
ويمكن القول عموما ان الاستشراق الألماني كان الأقل تحيزا والأكثر موضوعية في دراسة الاسلام , حيث ان مقاصد ادراسات الشرقية الألمانية كانت معرفية, ولم تكن تبشيرية استعمارية كما عند الآخرين, فقد بذل المستشرقون الألمان جهودا هائلة في رد الحضارة الاسلامية الى مواقعها الحقيقية في الترث العالمي من بين هؤلاء" كارل بروكمان" الذي لايزال المرجع الأساسي في كل ما يتعلق بالمخطوطات العربية "وفرديناند فستنفلد الدي حقق ونشر كتاب "طبقات الحفاظع لأبي عبد الله الذهبي" العام 1833و "لبابالأنساب "..الخ..وانتهاء بعميدة الاستشراق الألماني العالمة الظاهرة "آنا ماري شمل (1922-2003) التي خلفت أكثر من مائة كتاب عن الاسلام ومئات البحوث والمقالات والترجماتالأدبية المنقولة من العربية والفارسية والأدبية والتركية باقي اللغات الثمانية التي تجيدها قراءة وكتابة وحوار, وقد خلفت الآف المتخرجين على يدها من جامعات بون وأنقرة وهارفارد ونيويورك ولندن ولقدتجاوزت علاقتها بالاسلام الاحترام والتقدير ولندن ولقد تجاوزت علاقة حب وشغف ها جعل بعض أعدائها يتهمها با خفاء اسلامها, فكانت تجيبهم بقول جوته"اذا كان الاسلام هو التسليم الله والادعان لأمره , كلنا يحيا ويموت على الاسلام". انها مقامات العرفان عندما تدرك البعد الرسالي والجمالي للاسلام لدى من ارتقوا الى مراتب الاحسان.